مـِــنْ ذاكرَةِ العِـــشْـــق ...




رَأيتُها ...


في ذلكَ الحيِّ المليء بالحَياةِ ....و الـحُـــبْ

كانتْ تقرأُ نعوةً لإحدى الفتيات الشابّات .. معلّقة على الجدار .. وتُسمع حبيبها بالقول :

"يا حرام ...بعدها صبيّة ! "

فـ يجيبها ذلك الحبيب :

"الله يرحمها ... بس امشي ! "

كان الحبيبُ يمشي مُتثاقلاً ...فإنّ للدهرَ حقٌّ عليه !

أظنّه قد ناهز الـ ستّين عاماً !

تبعته الحبيبة ببطئ .. و مسكتْ يده بحنان لا يوصف .. إذ يُخال للناظر إليهما مِنْ بعيدْ .. أنهما شابّان عاشقان ...

يتمشّيا في أحياة دمشق القديمة .. باحثين عن أحد المطاعم ... الموزعة هنا وهناك !


فعلاً كانا عاشقين شابّين ..لكن الدهر قد خطَّ خطوطهٌ على ملامِحهما ...

أخذتْ منهٌ كيسَ الليمونِ .. لعلّه قد تعب منْ حمْلِه ...!

و مشتْ معه كـ أُمٍّ تضمُّ يد طفلها الصغيرِ بحنوٍّ وحرارة ...

على بعد أمتارٍ .. كان هناك مزار مثلَ كلِّ المزارات المعتادة في حيّ "الـعـبّـارة "...

في هذهِ اللحظة فقط ْ ..

أفلتتْ يدَ عشيقها .. ووقفت تصلِّ لدقيقة ..عندَ ذلكَ المزار ...

رجعتْ بعدَ ثوانٍ من انتظاره لها بشغفْ ... وضمّت يده مرّةً أُخرى ... لتُحييهِ منْ جديد ..!

على وشك أن يتعثّر ..!

لكنَّ تلك اليد الحنونة شدّته خوفاً عليه من الأذى ..

ابتسمتْ ... فخطواتها أسرع من خطوات ذلكَ الشابّ الّذي تعينه و الفرحُ يملأُ قبَلها وعَينيْها ...!

سلّمتْ على جاراتها ..

ووقف شابّ يصافح حبيبها الذي كان يدعوه بـ "العم جوزيف " ...

فـ نَظَرتْ هي َ إلى الشّابْ ثمَّ أخذت نظرةً خاطفة لتمثال السيّدة العذراءْ الّذي يتعالى في صدرِ الحيّ وهمست :

"يا عدرا ... اديش مباركة هالحارة ..! "

ثمّ أكملت مشيها مع عشيقها الأزليّ ...


بالرّغْمِ منْ أنَّ الشّابّ يمسكُ يدهُ أيضاً ..لكنّها لم تفلتْ يدَ "طِفلها المدلّل " ..إلاّ بعدَ أنْ أصرّ الشابّ وطلب منها أن

تتقدّمهم بـ خطواتْ...


لم تبتعدْ إلا خطوةً واحِدةً ... و التفتتْ إلى الوراءِ ..تطمَئِنُّ على عشيقها الأزليّ ..!


تركت العشيقان يتحدّثانِ مع بعضِ الجيران ..عن أمُورِ الحياةِ و صحّة العمْ " جوزيف" ..

تذكّرت وقتها كمْ أنَّ الحبَّ أصبحَ نادراً في هذهِ الدُنيا ..!

لكنّه وبالرُّغمِ منْ نُدرته ...ما يَزالُ يتمتَّع بتلكَ العفْويّة ..و الرَونقِ الّذي يفوقُ كلّ الأوصافِ ..

و بالرّغمِ منْ كُلِّ تلك السنينْ .. وما تخطّه على الأجْسامِ منْ آثارْ ... وما تترُكه في النّفسِ من حكاياتٍ مفْرحةٍ

مٌبكية ...

يمكنُ لـ الحــبِّ أنْ يـسْـتَـمـرَّ رائِــعـاً كَـمـا كــانَ و كَـمـا بَــدأ ........

هناك تعليقان (٢):

Rita يقول...

بتعرف زكرتني بـ مرة كنت ماشية بالشارع هون
فـ مرقت من جنب بيت العجزة القريب من عنا
و لقيت تنين عشاق هناك
كيف كانو ماسكين ايدين بعض و عم يكزدرو و هيك ..
شكلهم كان كتير .. دافي

وقت شفتهم كانت اول مرة حس فيها انو لا مش غلط تكون ختيار .. خاصة ازا كان معك ختيار عشقان :)

! go meero go

MEeRO يقول...

يا الله .. فعلاً لما تشوفي هيك منظر . .بتحسسك بشعور غريب .. خليط من الدفئ والحب .. وأشياء أخرى !
ميرسي عالتعليق رتوش :)